كتب محمد حسن عاكوم ... " الوصية "



قالت له زوجته وهي تحتضر: أوصيك بأبنائي أن تكون لهم أباً عطوفاً، فإذا ضاقت بك الحياة اجعل سبيلك خلاصاً وعاشر من هي خير لهم، ولا تلقي بجسدي قبل أن تنزع منه يميني، واصنع منه عصاً محجوباً، وأدخله منزلك وارفع عنه الشبهات والشكوك واجعله مصوناً.
وهذا ما كان. ودارت الأيام، وصح القول، فإذا غاب عن داره كان لزوجته الدخيلة ملاذاً في تأنيب وضرب أبنائه بهذا العصا الأخاذ الذي أعمى بصيرتها وبصرها وكان لهم أدباً طرياً، فإذا انهالت عليهم به ضربها الصداع وحل عليهم السلام والطمأنينة، حتى ضاقت ذرعاً وعجبت من أمر ما يحصل وأبت إلا أن تخلع عنه اللباس لتكتشف سره، وكانت الفاجعة والهلاك الأكيد، مجنونة تصرخ في البرية هائجة تائهة حتى الوحوش جفلت منها ولا تزال والصدى يطاردها.
عاد الأب إلى صوابه بعد أن أدرك سر الوصية، ولملم خطاياه حاملاً ذنوبه الثقيلة ليلقيها في أعماق المحيط المجهول لعل في ذلك راحة له وأملاً ومستقبلاً جديداً.